
محل القصب يكشف لنا تفاهة المشاهير بقلم الكاتب محمد عبدالعزيز الصفيان
يبدو أننا في عصر نمنح فيه الشهرة على طبق من ذهب لبعض الأشخاص الذين لا يستحقونها ليس لأنهم يقدمون محتوى قيما أو يمتلكون مهارات مميزة بل لأننا نحن من نرفعهم ونمنحهم الأضواء.. بعض هؤلاء يجدون من هذه الحيثيات فرصة لبلوغ نجاح سريع ودروبا مختصرة لشهرة مؤقتة أو ربما تدوم مع ما تصاحبها من مزايا وهو يكون على حساب قيمة المحتوى الذي يقدمونه ومدى تأثيره على ذوق الآخرين وحياة الناس وتقييمهم لكثير من الأمور.
قصة محل عصير القصب في نهاية نفق العباسية بمصر مثال صارخ على ذلك مسرحية كوميدية ذكر فيها عادل إمام محلا سيئا لبيع عصير القصب ونصح القاضي بالمسرحية بعدم الذهاب له لأنه وعلى لهجة إخواننا المصريين وحش أي سيء فتحولت السخرية إلى دعاية مجانية جعلت الناس يتهافتون عليه من باب الفضول فقط ليجربوا بأنفسهم مدى رداءة عصيره.
لم يحاول صاحب المحل تحسين منتجه بل اكتفى بالاستفادة من الترند، فانتشرت فروعه في كل مكان في مصر رغم انه لم يقدم جديدا وظل على وضعه الرديء.
اليوم نفس السيناريو يتكرر مع بعض مشاهير السناب شات الذين لا يمتلكون أي مؤهلات إعلامية ولا يقدمون محتوى مفيدا ومع ذلك يستضافون في فعاليات رسمية ويمنحون ألقاباً إعلامية فقط لأن لديهم متابعين.
بعض هؤلاء لا يفرقون بين الإعلام والتسويق المدفوع ويكتفون باستعراض الأماكن والمأكولات والتغطيات الباذخة وكان الإعلام تحول إلى سوق للوجاهة والتفاخر.
الأسوأ أن بعضهم تجاوز حدود الترفيه ليقدم نصائح طبية خطيرة أو يروج لمواد غير مرخصة متسببا في كوارث صحية، بينما آخرون ينقلون حياة مترفة تجعل المشاهد البسيط يشعر بالحسرة مما يخلق فجوة اجتماعية خطيرة بل وصل ببعضهم الأمر إلى تصوير الجنازات وانتهاك حرمة الموتى لمجرد كسب مشاهدات إضافية.
وكما رفع الجمهور محل عصير القصب السيئ في العباسية بمصر نحن اليوم من نرفع بعض هؤلاء المشاهير التافهين نتابعهم نتفاعل معهم ونصنع منهم نجوما رغم تفاهة محتواهم فهل حان الوقت لنوقف هذه الظاهرة؟؟
كثير من التساؤلات تدور حول مثل هذا السلوك من كل الأطراف وغالبيتها تتمركز حول الهدف والقيمة والغاية والوسيلة.. ويظل السؤال القائم في هذه الحالة يرتبط بالمتابع .. إلى متى وإلى أي حد يمكن أن يصل الموضوع ومتى يكون له حدود من الوعي والإدراك.. وهل سنظل نمنح الشهرة بالمجان لمن لا يستحقها!!



