
هل نقطع الرحم ونحن من أهل الرحم . بقلم الكاتبه ابتسام عابد الثبيتي .. ?
صلة الأرحام والقرابة: قيمة إسلامية وإنسانية
تُعد صلة الرحم من القيم العظيمة التي حثّ عليها الإسلام، إذ جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد على أهميتها وعظيم أجرها. فصلة الرحم لا تقتصر على مجرد اللقاء الجسدي، بل تشمل المحبة، الود، التعاون، والإحسان بين الأقارب، مما يسهم في توثيق الروابط الاجتماعية وبناء مجتمع متماسك.
أهمية صلة الأرحام
قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: 1]، فالله يأمرنا بمراعاة الأرحام والعناية بهم. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه” [رواه البخاري ومسلم]، مما يدل على أن لصلة الرحم بركة في العمر وزيادة في الرزق.
لماذا تُقطع الأرحام؟
ورغم أهمية صلة الأرحام، نجد أن كثيرًا من الناس يقعون في قطيعة الرحم لأسباب متعددة، منها:
1. الخلافات المادية والميراث: حيث تتحول بعض الخلافات المالية إلى قطيعة دائمة بين الأقارب.
2. الحسد والغيرة: قد يؤدي التنافس غير الصحي بين الأقارب إلى نشوء الضغائن والبعد عن بعضهم البعض.
3. سوء الفهم وعدم التسامح: كثير من القطيعة تنشأ بسبب سوء الظن والتأويلات الخاطئة، مما يزيد الفجوة بين الأهل.
4. الانشغال بالحياة: في عصرنا الحالي، قد يؤدي الانشغال بالماديات والتكنولوجيا إلى ضعف التواصل بين الأقارب، حتى يصل الأمر إلى القطيعة.
5. التربية الخاطئة: حيث ينشأ بعض الأبناء على النفور من أقاربهم بسبب ما يسمعونه من أهلهم عن الخلافات القديمة، مما يؤدي إلى استمرار القطيعة عبر الأجيال.
كيف نربي أبناءنا على قطع الرحم دون أن نشعر؟
1. نقل الخلافات إليهم: عندما يتحدث الأب أو الأم أمام الأبناء بسوء عن الأعمام أو الأخوال، فإن الطفل يكتسب هذه المشاعر السلبية ويبتعد عن أقاربه دون وعي.
2. إظهار التمييز والمقارنات: مقارنة الأطفال بأبناء الأعمام أو الأخوال بشكل سلبي يولد في نفوسهم الكره والغيرة.
3. منع الاختلاط مع الأقارب: بعض الآباء يمنعون أبناءهم من زيارة أقاربهم بسبب خلافاتهم الشخصية، ما يجعل الأبناء يكبرون وهم غرباء عن عائلاتهم.
4. عدم تشجيع اللقاءات العائلية: عندما يلاحظ الأبناء أن والديهم لا يهتمون بزيارة الأقارب، فإنهم يكتسبون هذه العادة وينشأ لديهم شعور بعدم أهمية صلة الرحم.
كيف نربي أبناءنا على صلة الرحم؟
1. القدوة الحسنة: عندما يرى الأبناء آباءهم يتواصلون مع الأرحام، سيكبرون وهم يدركون قيمة هذه العلاقة.
2. غرس الحب والتسامح: يجب أن نعلم أبناءنا أن الخلافات لا تعني القطيعة، بل يجب أن نتجاوزها بالحكمة.
3. الحديث الإيجابي عن الأهل: حتى لو كان هناك خلافات، يجب ألا ننقل الكراهية للأبناء، بل نركز على الصفات الطيبة في أقاربنا.
4. تشجيع الزيارات العائلية: اصطحاب الأبناء في الزيارات العائلية يجعلهم يشعرون بأهمية صلة الرحم.
5. تعليمهم فضل صلة الرحم دينيًا وأخلاقيًا: تذكيرهم بأن صلة الرحم سبب للبركة في العمر والرزق، وأنها عبادة يؤجر عليها المسلم.
ختامًا
صلة الرحم ليست مجرد عادة اجتماعية، بل هي عبادة عظيمة يُثاب عليها المسلم، وتُسهم في بناء مجتمع متحاب ومتعاون. كما أن مسؤولية غرس هذه القيمة تبدأ من البيت، فإما أن نزرع في أبنائنا حب الأهل، أو نربيهم على القطيعة دون أن نشعر. فهل نقطع الرحم ونحن من أهل الرحم؟ أم نجعل من صلتها بابًا للخير والبركة في حياتنا؟
جميل حداً ومفيد