“فنجال الضحي”مبادرة اجتماعية لإحياء تراث الاباء والاجداد بنكهة عصرية
تصوير الاعلامي ناصر سلامه البلوي
تميز الانسان البدوي بمهارات عديدة اكتسبها من الطبيعة والظروف المناخية القاسيه في حياة البادية . مهارات اكتسبها من مجتمع يتسم بعادات وتقاليد صارمة لايمكن للشخص البدوي المساس بها .
كذلك امتاز بصفات وسمات نبيلة كالصبر وقوة التحمل للمشاق بالإضافة الي الشجاعة وفصاحة اللسان والأخلاق العربية الأصيلة إلى جانب الكرم والجود والأمانة والفروسية هذه أخلاق البدوي الأصيل الذي لا يمكن ان يحيد عنها
فرغم الظروف البيئيةالقاسية والصحراء الجرداء وما تخفيه من مفاجآت مؤلمه احيانا . وظروف الطقس التي تجعل الحياة الصحراوية اكثر صعوبة إلا أنهم استطاعوا التكيف مع هذه الحياة الصحراوية القاسيه فعشقوها فبادلتهم العشق نفسه
رغم ترحالهم الدائم في هذه الصحراء التي حفظوا اسرارها ودهاليزها دون أي وسيلة لتحديد المواقع والاتجاهات سوى الأجرام السماويه كالشمس والقمر والنجوم بحثنا عن الماء والكلآ وسط صحراء متراميه الأطراف امتازت رغم صعوبة العيش فيها ببساطة الحياة وهدوئها التي تجعل البدوي يشعر بالحريه والانطلاق والتمتع والتفكير في خلق السموات والأرض .
من بين أبرز هذه العادات الاجتماعية الجميلة
فنجال الضحي او قهوه الضحي كما هو متعارف عليه في مجتمعنا فهي من العادات الاجتماعية القديمة التي عرفها ابناء الجزيرة العربية منذ القدم ولازال البعض يتوارثها أبا عن جد قد تكون ظروف الحياة في ما مضي هي من فرضت علينا هذه العادة الجميلة التي تزيد من روابط المحبة والتآخي والترابط بين ابناء المجتمع
فبحكم صعوبة الحياة فقد كان الرجل البدوي ومع بزوغ خيوط الفجر الاولي معلنةً بداية يوماً جديداً تدب الحياة في المجتمع البدوي استعداداً لجلب الماء والاحتطاب لتوفير متطلبات بيته وأسرته قبل ان يقود احد افراد الأسرة قطيع الماشية للرعي في المواقع القريبة لهم وعند ميل الشمس بتجاه وسط السماء يجتمع الرجال في بيت احدهم لتناول فنجال القهوة مع قليل من التمر يتبادل فيها الحضور النقاشات في امورهم الحياتيه الي ان تنتصف الشمس في وسط السماء لينفض الجمع لتكون قهوة الضحي في بيت احدهم في اليوم التالي وهكذا يتم تداولها بشكل دوري بينهم .
مرت هذه العادة الاجتماعية بمحطات عديدة كادت ان تندثر مع الحياة المدنية واتجاه الغالبية العظمي من البدو الي حياة المدنية حيث الاستقرار والرخاء وبحبوحه العيش والبيوت الأسمنتية وانغماسهم في مشاغل الحياة التي أوجدتها الثورة الصناعيّة وثورة الاتصالات التي جعلت العالم بأسره قرية صغيره مما جعل تلك العادة الاجتماعية تندثر بشكل تدريجا بعد ان استبدلها البعض بفتح مجالسهم طوال اليوم للضيوف والعابرين والاقارب والأصدقاء.تدار فيه القهوه علي مدار الساعة طول اليوم مما جعل قهوة الضحي شي من الماضي .
فقبل اكثر من عشرة أعوام مضت وتحديداً في العام 2014 كانت الفكرة تلوح في الأفق للأستاذ إبراهيم بن محمد بن عاصي العطيات العطوي بتنفيذ فكرة قهوة الضحي او (فنجال الضحي )
كمبادرة اجتماعية لسكان منطقة تبوك وزوارها من المهتمين بالموروث الشعبي والشعراء والمتقاعدين يتبادلون فيه الاشعار والثقافات المعرفية المختلفة وتقدم خلاله الاطباق الشعبية من المأكولات المعروفة في تبوك كوجبة فطور للحضور .
لإحياء موروث الآباء والأجداد قبل اندثاره
قد تكون هذه المبادرة غريبة نوعا ما
وصعبة التنفيذ في ظل تسارع عجلة الحياة وعصر السرعة الذي نعيشه في مجتمع طغت علي مفاصله الحياة المدنية بكل حذافيرها رغم الخوف والتردد خوفاً من فشل هذه المبادة الاجتماعية وعدم تقبلها إلا انه استمر في تنفيذ الفكرة ليجعل من صباح كل يوم أربعاء هو موعداً لفنجال الضحي الذي يستمر حتي الحادية عشر والنصف يتناول فيه رواد فنجال الضحي القهوة ويتجاذبون فيه أطراف الحديث في شتي أمور الحياة .
انطلقت المبادرة المجتمعية (فنجال الضحي) لتحصد إعجاب الجميع ويتزايد مرتاديها لتصبح منارة إشعاع ثقافي وتراثي في مدينة تبوك فخلال عشرة أعوام حضيت مبادرة فنجال الضحي علي تغطيات إعلامية وزيارات إعلامية ممثله في قناة mbc والعربية وقناة الإخبارية كذلك القناة السعودية الاولي وعدد من البرامج الإذاعية والعديد من الصحف والمواقع الإخبارية حيث لم يقتصر روادها علي فئة معينه بل اصبحت تخاطب كل فئات المجتمع فتجد الدكتور والأكاديمي ورجل الأعمال ولأدباء والشعراء والمفكرين والإعلاميين والمواطن البسيط وذوي الخبرة من الزملاء والأصدقاء من مواطنين ومقيمين يتجاذبون أطراف الحديث بكل ارياحيه .
يقول الاستاذ إبراهيم بن عاصي مالك مركز إبراهيم بن عاصي للفروسية والتراث وصاحب هذة المبادرة المجتمعيه
عندما انطلقت هذة المبادرة كان يرتادها عدد بسيط من المتقاعدين والمتفرغين وما لبثت حتى اصبح لها رواجاً في المجتمع لتصبح محط انظار لعدد من الشعراء والأدباء والمهتمين بهذه المبادرة من كافة فئات المجتمع
ويستطرد الاستاذ إبراهيم بن عاصي في حديثه انها فنجال الضحي من العادات والتقاليد القديمة تم احيائها للمحافظة على موروث الآباء والأجداد وتعريف الجيل الحالي بعراقة الماضي مشيراً إلى انه جرت العادة من خلال هذه المبادرة المجتمعية تقديم وجبة الفطور لرواد فنجال الضحي من أكلات تبوك الشعبية مثل الجريش والمرقوق والمجلله والفتة وغيرها من الأكلات الشمالية للتعريف بها وربط الماضي بالحاضر مختتمآ حديثه بقوله أن الدور الذي اقوم به لايعدو كونه خدمة اجتماعية اقدمها للمجتمع “التبوكي” للمحافظة على تقاليد وعادات حرص عليها الاباء والاجداد فحرصنا علي المحافظة عليها ونقلها للأجيال القادمه .