
صالون الرواية الأولى يستضيف الكاتبة الكويتية مثايل الشمري حول روايتها الأولى “ما لم يُرد ذكره من سيرة أُضحية”
أقام صالون الرواية الأولى لقاءً أدبيًا مميزًا مع الكاتبة الكويتية مثايل الشمري لمناقشة روايتها الأولى “ما لم يُرد ذكره من سيرة أُضحية”. الرواية تقدم شخصية فتاة أمية وحيدة تُدعى أُضحية، تعيش صمتًا داخليًا وسط ضغوطات المجتمع والقرارات المفروضة عليها، وتبرز من خلالها تفاصيل دقيقة وحساسة عن حياة النساء اللواتي يمُرن دون أن يُسأل أحد عن رغباتهن.
في هذا الحوار، نسلط الضوء على تجربة الكاتبة مثايل الشمري في الكتابة والنشر، وعوالم أُضحية الصامتة، وأهمية النصوص القصيرة ذات العمق الكبير.
نص الحوار:-
س1: هل يمكن أن تبدأي بسرد مختصر عن سيرتك الذاتية أم نبدأ مباشرة بالحديث عن الرواية؟
-مثايل الشمري: بصراحة، كتابة أُضحية أكدت لي أن الكتابة عندي هي هاجس لا يموت. بدأت بكتابة القصص القصيرة منذ الثانوية والجامعة، ونشرت بعضها في جرائد محلية وعربية، وفازت عدة قصص بجوائز مثل جائزة مجلة العربي وجوائز محلية أخرى. كما كان لدي مدونة لفترة، لكنها أغلقت لأركز على نشر أعمالي.
س2: بما أن أُضحية تعتبر روايتك الأولى، كيف تصفين شعورك عند استلامك النسخة النهائية بين يديك؟
-مثايل الشمري: شعور لا يوصف، كنت أرجف حرفيًا. بعد أكثر من عشر سنوات من الكتابة والعمل على القصص، شعرت أن حلمي تحقق. كنت محظوظة بالدعم الكامل من دار النشر الكويتية تكوين، التي اهتمت بكل تفاصيل العمل، من الغلاف إلى القطع وطباعة النوفيلا بشكل مناسب للقراءة في جلسة واحدة.
س3: هل كان اختيارك لدار نشر محترفة سببًا للشعور بالضغط أثناء الكتابة؟
-مثايل الشمري: نعم ولا، كان الضغط إيجابيًا بدرجة ما لأنه يرفع قيمة العمل ويضمن نشره بطريقة محترفة. اختيار دار نشر قوية أعطاني شعورًا بالأمان على مستوى التوزيع والتسويق، لكنه لم يؤثر على استمتاعي بكتابة الرواية.
س4: كيف بدأت فكرة رواية أُضحية؟ هل جاءت من مشهد معين أو حالة وجدانية؟
-مثايل الشمري: جاءت الفكرة فجأة عند رؤية طفلة تبكي أثناء مسكها لرضيع في بيتنا، شعرت بمسؤوليتها وبخوفها وعجزها، فتذكرت تجارب الأمومة والزواج المبكر التي مرت بها أجيال سابقة من النساء في عائلتي. هذا المشهد ألهمني لصياغة شخصية أُضحية، وصممت لها عالمًا كاملًا يدعم شخصيتها ويظهر غياب صوتها وحقوقها.
س5: لماذا اخترت أن يسرد الرواية شخصية سالم أخو زوج أُضحية وليس هي نفسها؟
-مثايل الشمري: أردت أن أقرأ أُضحية بعين ليست قريبة منها لتسرد حقيقتها بالكامل، وليست بعيدة أيضًا لتجهل كل شيء عنها. هذا أعطى مساحة فنية للمتلقي، وأتاح لي إدراج احتمالات متعددة لمشاعر سالم ولتصرفات الشخصيات، وبالتالي إبقاء القارئ في حالة شك مستمرة حتى النهاية.
س6: هل أُضحية ضحية أم مُضحّى بها، أم أن الشخصيات الثلاثة – أُضحية، سالم، وسلطان – ضحايا بدرجات مختلفة؟
-مثايل الشمري: أترك هذا للقارئ ليحكم، لأن كل شخص يقرأ الرواية وفق معتقداته ومعاييره. هذه الحرية تمنح العمل حياة أطول، وتجعل القارئ يعيد النظر في الشخصيات والأحداث مع مرور الوقت.
س7: العبارة التي كررت في الرواية “ما حد سألني ش تبين” هل تمثل ثيمة الرواية؟
-مثايل الشمري: نعم، تلخص جوهر شخصية أُضحية، فهي لم تُسأل عن رغباتها طوال حياتها، حتى من أقرب الناس لها. هذا السؤال البسيط يعكس حقوق النساء الغائبة أحيانًا ويشكل محور الرواية.
س8: كيف تصفين علاقة سلطان بأُضحية؟ وهل هو ضحية برأيك أيضًا؟
مثايل الشمري: أردت أن أعطي كل شخصية أهدافها ورغباتها، حتى لو بدت العلاقة غير طبيعية. سلطان يسعى لحياة طبيعية كأي رجل، لكنه لا يفهم تمامًا رغبات أُضحية، تمامًا كما في العلاقات الواقعية، حيث نكتشف نوايا الآخرين تدريجيًا.
س9: شخصية سالم، الراوي، هل قصدت أن تكون شاهداً لا فاعلاً؟
-مثايل الشمري: نعم، سالم مراهق حساس لا يملك سلطة تغيير الأحداث الكبيرة، لكنه يراقب ويحاول فهم الشخصيات. هذا يعكس محدودية القوة الإنسانية أحيانًا ويُبرز دور المراقب في السرد.
س10: بعد نشر الرواية، هل تغيرت نظرتك للكتابة؟
-مثايل الشمري: بالتأكيد، الكتابة المتعددة للمسودات أضافت لي أدوات وتقنيات جديدة في السرد. كل نسخة كانت تقربني أكثر للشخصيات وللسردية التي رضيت بها في النهاية. التجربة أكدت لي أن المتعة أثناء الكتابة أهم من التوتر أو الضغط، وأن العمل الذي أستمتع به ينعكس على القارئ.
خاتمة
تختتم الكاتبة مثايل الشمري حديثها مؤكدة على أن رواية “أُضحية” ليست مجرد قصة عن فتاة صامتة، بل دعوة للتأمل في حياة النساء الغائبات صوتهن، وفي حقوقهن المغيبة، وفي تأثير النظرة الاجتماعية على أحلامهن وطموحاتهن. تجربة الكتابة والنشر الأولى لمثال تثبت قدرة الأدب على إحداث فرق في فهمنا للآخر وللأحداث اليومية الصغيرة التي تحمل في طياتها معاناة عميقة وجمالًا خفيًا.




