مقالات

ثقافة المقارنة في عصرنا الحالي

بقلم: سهام الحربي

المقارنة كانت ولا تزال سلوكًا شائعًا في مجتمعنا، ولكن تأثيرها لم يعد بسيطًا كما كان في السابق. اليوم أصبحت المقارنة جزءًا من يوميات الناس، تُسهم في تشكيل شخصيات لا تشبههم، وتخلق ضغوطات كبيرة على الفرد وتوقعه في فخ السعي المستمر لإرضاء الآخرين بدلًا من تحقيق ذاته.

في العصر الرقمي، تحولت المقارنة إلى موجة قوية تجتاح كل المجالات. لم تعد مرتبطة فقط بشخص سافر أكثر أو يملك ما لا يملكه غيره، بل أصبحت تتغلغل في تفاصيل الحياة: من شكل الإنسان ومظهره، إلى إنجازاته، وحتى في الحياة الاجتماعية والأسرية. ومن المؤسف أن بعض الأمهات أصبحن يقارنَّ مستوى ذكاء أطفالهن بغيرهم، مما يخلق ضغطًا نفسيًا على الأطفال ويؤثر على ثقتهم بأنفسهم منذ عمر مبكر.

حل هذه المشكلة ليس سهلًا ولا مستحيلًا. يبدأ من الوعي المجتمعي، ومن فهم حقيقة بسيطة لكن مؤثرة: أن كل شخص خُلق بميزاته الخاصة، وأن الله خلقنا في أحسن صورة، وباختلافات جميلة لا تتكرر. لو كان الاختلاف غير مهم، لما وُجد هذا التنوع في الشكل واللون والشخصيات.

لا يوجد إنسان كامل، والكمال غير موجود إلا لله سبحانه وتعالى. وما يجب أن ندركه هو أن سعينا الدائم للمقارنة يسرق منا جمال ما نملكه، ويجعلنا نعيش حياة تختلف عن حقيقتنا.

يقول سلفادور دالي اقتباسًا جميلًا:

“لا تخف من الكمال، فلن تصل إليه أبدًا.”

وبين كل هذا الضجيج، يبقى القبول الذاتي هو أعظم أشكال القوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى