
🛡️ الأمن السيبراني بين تصاعد التهديدات وحتمية الوعي الرقمي
✍️ بقلم: المهندس محمد هاشم البدرشيني
متخصص في الأمن السيبراني
في عالمٍ تتسارع فيه التقنيات بوتيرة غير مسبوقة، أصبح الأمن السيبراني اليوم ليس مجرد خيارٍ تقني، بل ضرورة وطنية وركيزة لحماية الاقتصاد والمجتمع والأفراد. فمع توسّع التحول الرقمي واعتماد القطاعات الحيوية على الأنظمة الذكية، تتزايد في المقابل الهجمات الإلكترونية التي تسعى لاختراق البيانات وتعطيل الخدمات واستهداف سلاسل التوريد.
ورغم التطور الملحوظ في قدرات الدفاع السيبراني، إلا أن الواقع يؤكد أن المهاجم أصبح أكثر ذكاءً، بفضل الأدوات الحديثة التي وفّرها الذكاء الاصطناعي، والقدرة على تنفيذ هجمات معقدة مثل هجمات الفدية والتصيّد العميق، وهجمات انتحال الهوية باستخدام بيانات ضخمة تم جمعها من الإنترنت المفتوح.
التهديد الأكبر لم يعد تقنيًا فقط؛ بل إنسانيًا أيضًا. فالهجمات اليوم تستهدف الإنسان قبل الجهاز، مستغلة ثغرات الثقة والعجلة والفضول. وهذا ما يجعل العنصر البشري هو الحلقة الأقوى إذا كان واعيًا، والأضعف إذا أهمل المعرفة والاحتراز.
ومن أبرز التحديات التي يواجهها الأمن السيبراني حاليًا:
• تنامي هجمات الفدية بطريقة ذكية تستهدف القطاعات الحكومية والخاصة.
• ازدياد الاعتماد على الحلول السحابية وما ينتج عنه من مخاطر التهيئة الخاطئة.
• توسّع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء ذات الحماية الضعيفة.
• نقص الكفاءات المتخصصة مقارنة بحجم التهديدات.
غير أن مواجهة هذه التحديات ليست مستحيلة؛ فالدول والمنظمات التي تستثمر في بناء وعي مجتمعي قوي، وتتبنّى سياسات “الثقة الصفرية”، وتعمل على تدريب كوادرها بشكل مستمر، هي القادرة على الحد من الخسائر وتحقيق جاهزية عالية ضد أي محاولة اختراق.
إن المملكة العربية السعودية — بفضل رؤيتها الحكيمة واستثماراتها الضخمة في قطاع التقنية — أصبحت اليوم نموذجًا عالميًا في بناء بيئة سيبرانية متينة، مدعومة بجهود وطنية مخلصة تعمل على تأمين الفضاء الرقمي، وتعزيز المواطنة الرقمية المسؤولة، ونشر المعرفة بين كافة أفراد المجتمع.
وفي النهاية، يبقى السؤال:
هل نملك الوعي الكافي لحماية أنفسنا؟
الإجابة تبدأ من كل فرد فينا… من ضغطة زر، ومن لحظة وعي، ومن قرارٍ بسيط بعدم فتح رابط مجهول أو مشاركة معلومة حساسة.
الأمن السيبراني ليس تقنية فقط… بل ثقافة مجتمع، ومسؤولية يتحمّلها الجميعه



