أنصتوا.. المنظرون على الهواء بقلم الكاتب محمد عبدالعزيز الصفيان
في ظل الأوضاع الراهنة ومع تسارع وتيرة الأحداث في العالم من حروب وأزمات سياسية واقتصادية باتت نشرات الأخبار جزءًا أساسيًا من يومنا نبحث خلالها عن معلومات جديدة وحقائق دقيقة حول ما يحدث في عالمنا المضطرب.
ولكن وسط هذه الأخبار المتسارعة يظهر لنا باستمرار بعض «المنظرين» الذين يبدو أن ظهورهم في كل نشرة إخبارية هو بمثابة طقس يومي، فما الذي يقدمونه لنا بالفعل؟ وهل تسهم تحليلاتهم في إضافة شيء حقيقي للنشرة؟ أم أن الهدف هو مجرد ملأ الفراغ في البرامج لبعض القنوات الإعلامية؟
مع كل نشرة أخبار نجد خلف وخليف يتبادلون الأدوار في تقديم ما يشبه المحاضرات الفلسفية الطويلة عن مواضيع بسيطة قد يكون الحديث عن ارتفاع سعر الطماطم أو انخفاض سعر النفط ولكن خلف وخليف لا يتركان فرصة إلا ويحوّلانها إلى نقاش فكري “عميق” يملؤه التعقيد اللغوي والمصطلحات الكبيرة التي لا معنى لها، فمن غيرهم يمكنه ربط أزمة المرور الصباحية بمشاكل الفلسفة الوجودية؟
الحقيقة رغم براعته في التحدث لساعات دون توقف يقدمون أحياناً القليل من المعلومات الحقيقية وكل ما يفعلانه هو محاولة إبهار المشاهد باستخدام كلمات معقدة وتحليلات لا علاقة لها بالواقع وكأنهم يختبرون مدى قدرتهم على الحديث المطوّل دون أن يقولوا شيئًا ملموسًا. والمشاهد قد يجلس أمام الشاشة متأملًا في محاولة لفهم عمق ما يُقال ولكن النتيجة تكون واحدة دائمًا.
لا جديد.. لا فائدة مجرد كلام منمق يملأ الوقت ويتركنا نتساءل: لماذا هم هنا؟
ما يلفت الانتباه هو مدى استعدادهم للظهور الإعلامي في أي وقت وكأنهم ينتظرون هذه اللحظات بفارغ الصبر حبهم للبروز على الشاشة يجعلهم دائمًا جاهزين للحديث عن أي موضوع مهما كان تافهًا أو معقدًاً بالنسبة لهم الظهور هو الهدف أما المحتوى فلا يهم كثيرًا المهم هو أن يكونوا جزءًا من المشهد الإخباري حتى لو كانت المعلومات التي يقدمونها قليلة القيمة فإن الأهم هو أن يظهروا أمام الجمهور ويشعروا أنهم جزء من اللعبة الإعلامية.
خاتمة..
مع ازدياد طول نشرات الأخبار بشكل ملحوظ يبدو أن بعض القنوات باتت تبحث عن أي وسيلة لملأ الفراغ وإقناع المشاهدين بأنها تقدم محتوى قيّمًا.
الحل السهل؟ استضافة هؤلاء المنظّرين الذين لا يرفضون أي دعوة للظهور الإعلامي ويشعرون بسعادة غامرة في كل مرة يتحدثون فيها أمام الكاميرات حتى وإن لم يكن لديهم ما يضيفونه.
*المشاهد أصبح أذكى وأكثر وعيًا وقادرًا على التمييز بين التحليل المفيد والكلام الفارغ.