الاقتصاد

ارتفاع أسعار البيض في الشتاء… قراءة هادئة لظاهرة موسمية تعود كل عام

مع بداية فصل الشتاء، تبرز ظاهرة معروفة لدى المزارعين والمستهلكين على حدٍ سواء: ارتفاع أسعار البيض في الأسواق. ورغم أن الأمر يبدو مفاجئًا للبعض، إلا أنه نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل المناخية والاقتصادية التي تتكرر كل عام مع تغيّر الأجواء وانخفاض درجات الحرارة.

في هذا الموسم، تتراجع قدرة الدجاج على الإنتاج بسبب البرودة التي تؤثر مباشرة على نشاطه الحيوي. فإنتاج البيض يرتبط بدرجة الحرارة والضوء، وعندما تهبط الحرارة إلى ما دون المستوى المثالي، يقل وضع البيض بشكل ملحوظ، وقد يصل الانخفاض – وفق تقديرات عامة – إلى ما بين عشرة وعشرين في المئة بحسب طبيعة المزارع وظروفها.

ولأن المزارع تسعى للحفاظ على الحد الأدنى من الإنتاج، ترتفع تكاليف التشغيل في الشتاء بشكل كبير. فالحظائر تحتاج إلى تدفئة مستمرة، والدجاج يحتاج إلى علف أكبر لتعويض الطاقة التي يفقدها في الجو البارد. هذه المتطلبات الإضافية ترفع تكلفة الإنتاج، وتنعكس بشكل مباشر على سعر المنتج النهائي في السوق.

ومن الجوانب التي تزيد الضغط على الإنتاج في هذا الفصل، ازدياد انتشار الأمراض التنفسية بين الدواجن، وهي أمراض موسمية معروفة ترتفع معدلاتها في الأجواء الباردة، مما يرفع مستوى الهدر ويقلل من الطاقة الإنتاجية للمزارع.

وعلى الجانب الآخر، يشهد السوق ارتفاعًا في الطلب على البيض خلال الشتاء؛ إذ تميل الأسر إلى الأطعمة الدافئة والغنية بالبروتين في هذا الفصل، مما يزيد الاستهلاك في وقت يتراجع فيه العرض. ووفق القاعدة الاقتصادية البسيطة، فإن انخفاض المعروض وارتفاع الطلب يؤديان إلى ارتفاع طبيعي في الأسعار.

ولا يمكن تجاهل تأثير أسعار الأعلاف العالمية، فمكونات العلف الأساسية مثل الذرة والصويا تشهد تقلبات مستمرة، ومع ارتفاع تكلفتها ترتفع تكلفة الإنتاج المحلي، وبالتالي السعر النهائي للمستهلك.

وفي المحصلة، فإن ارتفاع سعر البيض في الشتاء ليس حالة طارئة أو اختلالًا مفاجئًا في السوق، بل هو نتيجة منطقية لمزيج من العوامل التي تتكرر كل عام. ومع اعتدال الطقس وعودة درجات الحرارة إلى مستوياتها المناسبة، تبدأ دورة الإنتاج بالتحسن تدريجيًا لتستقر الأسعار من جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى