مقالات

بين داءٍ ودواءٍ… حكاية قلب بقلم الكاتب : خالد جبلي

راودتها ذات ليلٍ مظلم
حين كان البرد يلامس جسدي والرجفة تسكن صدري وأحشائي
اقتربتُ منها وهمستُ في أذنها اليسرى:

إني أشعر برجفاتٍ تعصف بي فهل لكِ أن تعطيني دوائي؟”

لم تلتفت إليّ بل قالت بصوتٍ خافتٍ مبحوح:

لستُ أنا الطبيبة… فما أصابك اليوم كان بالأمس دائي.

ثم أطرقت رأسها وأردفت:

لقد ذهبتُ لكل الأطباء أبحث عن دواءٍ لآهاتي
علّه يُنهي نوبات بكائي… لكن دون جدوى.

قلتُ بدهشةٍ ممزوجةٍ بالشوق:

مهلًا!
أما كنتِ أنتِ طبيبة أسرتي وجارتنا حين كنتُ في الابتدائي؟”

التفتت نحوي وحدّقت بعينيّ طويلًا ثم ابتسمت وقالت:

أأنت عمار الصغير؟
يا من أتعبتني كثيرًا!

ضحكتُ بخجلٍ وقلت:

وكيف أتعبتُك كثيرًا؟

قالت:

كنتَ داءً لا يُشفى…
كنتُ أزوركم ليلًا ونهارًا لأكتب لك الدواء
حتى أسكنتني أسرتك في وسط داركم
لأكون قريبةً منك ما استطعت.”

ابتسمتُ وقلتُ:

دكتورتي…
ما زلتُ أبحث عن ذاك الدواء
وأيقنتُ أن لا علاج لمرضي المزمن إلا على يديكِ يا رجاء.

ضحكت بخجلٍ وهي تهمس:

لا أستطيع… كبرتُ يا عمار
ولم أعد أقدر على حملك وضمّك إلى صدري
فذلك كان هو الدواء.

اقتربتُ منها بخطى متثقاله ،ورمقت بعينين تملؤهما العاطفة:

دكتورتي رجاء…
حملتِني سنواتٍ وقضيتِ على أوجاعي وأوهامي
فحان الوقت أن أحملك أنتِ وسط صدري
ليزول مرضي إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى