الوقف أمانة دنيوية عند المسلمين
كثيراً ما تردني شكاوى من الناس حول الأوقاف التي أوقفها آباؤهم وأجدادهم سواء كانت هذه الأوقاف ذرية أو خيرية وتنصب الشكاوى حول تصرفات متولي تلك الأوقاف، طالبين الإستشارة وإبداء الرأي ويمكنني القول إن معظم هذه الشكاوى تتركز على إستغلال ناظر الوقف لأموال الوقف لمصلحته الشخصية ويترك الفتات للموقوف عليهم أو سوء الإدارة التي تؤدي إلى ضياع الوقف وفي أغلب الأحيان يقع الشاكي في حيرة بين أن يحاسب ناظر الوقف وبين السكوت والتجاوز عن تلك التصرفات المسيئة فغالباً ما يكون ناظر الوقف أحد أقاربه كأن يكون الأخ الأكبر لذا يضطر باقي أفراد الأسرة للسكوت عن تلك التجاوزات حفاظاً على الروابط الأسرية بينهم،
والواقع أن الأمر يدعو للحيرة وقد تكون تلك الشكوى غير صحيحة، فهناك إحتمال أن ناظر الوقف قد بذل أقصى ما في جهده لإدارة الوقف بالمستوى المطلوب وفي الوقت نفسه يطالب بما هو في حكم المستحيل وقد يكون متولي الوقف قد أهمل إدارة الوقف وقصر في رعايته بل وأحياناً أساء إستغلاله لمصلحته الخاصة وأرى أن السبب الرئيس في صعوبة التحقق من صحة الشكاوى الموجهة ضد نظار الأوقاف هو عدم كفاية الضوابط التنظيمية والمعايير المحاسبية وحوكمة الوقف التي تضبط عمل النظار للاوقاف والتي يحاسبون في ضوئها،
وأتمنى وضع ضوابط إدارية ومهنية يضبط بها جودة وكفاءة أداء ناظر الوقف فيعمل وفق أسس مهنية كأن يلزم بتعيين شركة تدقيق ومحاسبة مالية خارجية وإذا اقتضى الأمر يضبط عمله بمراقبة شركة تدقيق داخلية أو أن يعين مجلس أمناء للوقف يراقب عمل ناظر الوقف، وكذلك تعيين باحثين إجتماعيين مختصين ليدرسوا أحوال الموقوف عليهم ومدى تطابق شروط الوقف عليهم فكثير من الشكاوى تتهم ناظر الوقف بأنه يخص أهله وأقاربه ومعارفة بتوزيع إيرادات الوقف دون وجه حق وغيرها من التنظيمات المهنية التي تدير الإستثمارات العقارية،
وتدقيق قواعد وإجراءات تعيين الناظر على الوقف ورفع جودة وكفاءة إدارة الوقف وتعميق أثر الوقف في المجتمع وزيادة إسهاماته في الإقتصاد الوطني فالوقف أمانة في أعناق المسلمين وفق الله الجميع،
وأخيراً بالوقف أجرك يمتد لأجيال وأجيال.