الاخبار المحلية

من جدة إلى الرياض برًا، ثلاث عملاقات تتصدر شريط الأحداث

نرفع أبصارنا إلى الأعلى بشكل تلقائي حين نسمع صوت هدير طائرة عابرة فنسعد بمشاهدتها تمخر عباب السماء، ونظل نراقبها على مهل حتى تختفي عن أنظارنا كبارًا كنا أو أطفالًا.

ولم نشهد يومًا طائرة مدللة تجرها سيارة في موكب مهيب محاط بسيارات أمن الطرق وتحت الرعاية الأمنية، تعبر الطرق الصحراوية وتسير أيامًا على حافة الرمل، تعبر القرى والمدن والأرياف محدثة ضجيج استقبال من الأهالي وهي تسير في الشوارع بين السيارات. حدث استثنائي غير مسبوق لنقل ثلاث طائرات سعودية عملاقة من طراز بوينغ B777-200ER تسير في رحلة تاريخية من مدينة جدة إلى العاصمة الرياض لتستقر في منطقة «بوليفارد رنواي» وتبدأ استقبال ضيوفها في الثامن والعشرين من أكتوبر المقبل عبر موسم الرياض ٢٠٢٤م الذي ينطلق في الثاني عشر من الشهر ذاته، وللطائرات المدللة الثلاث قصة طريفة ولطيفة، فقد لفتت هذه الطائرات العملاقة الثلاث أنظار هيئة الترفيه بعد إحالتها للتقاعد، وبعد أن شبعت تحليقًا وإقلاعًا وهبوطًا، وشهدت مع مسافريها وطواقمها حكايات وذكريات فوق السحاب وبين مطارات مدن العالم، وبعد تنقلات استهلكت من عمرها ثماني عشرة سنة، لفتت تلك الطائرات المحالة للتقاعد نظر رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ الذي قرر توقيع عقد شراكة مع شركة الخطوط الجوية السعودية بشأن الطائرات الثلاث وجلبها إلى منطقة “بوليفارد رن واي” حيث ستقام بجانب منطقة بوليفارد سيتي على مساحة 140 ألف متر مربع، وتشغيل تلك الطائرات الثلاث في النطاق الأرضي بعد تقاعدها عن النطاق الجوي بتحويلها إلى محلات تجارية ومطاعم، إضافة إلى ثلاث عشرة تجربة تفاعلية للكبار والصغار.

وقد كان في هذه الرحلة للطائرات الثلاث متعة تحدي الظروف ومتعة خوض تجربة غبر مسبوقة بالسير على الشوارع والطرق السريعة، وقطع مسافة على تقل عن ألف كيلو متر مرورًا بخمسين مركزًا ومحافظة ومدينة سعودية في خارطة سيرها من ميناء جدة إلى العاصمة الرياض
واجهت خلالها الطائرات تحديات كبيرة بسبب حجمها ووزنها وارتفاعها الذي يتجاوز ستة أمتار، إضافة إلى ارتفاع الشاحنات المستخدمة، مما يتجاوز الخلوص الرأسي لمعظم الجسور، وهذا يعني أن خارطة السير ستتخذ مسارًا أطول لتجنب بعض الجسور، إضافة
لعرض جسد الطائرات الذي يبلغ 6.2 متر ويعادل عرض ثلاث سيارات متجاورة، وطولها الذي يعادل طول ثلاث عشرة سيارة مصطفة.

ويعد نقل الطائرات الخارجة من الخدمة برًا أمرًا واردًا في العديد من الدول حول العالم، ولكن هذه قد تكون أول مرة يتم فيها نقل 3 طائرات بهذا الحجم دفعة واحدة دون فصل أجزاء البدن، كما يعد هذا النقل هو الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية.
وفي خانات الإحصاء قطعت الطائرات الثلاث خلال الرحلة التي انطلقت في التاسع من شهر سبتمبر الجاري أكثر من 400 ساعة، وتسبب كرم الضيافة من قبل الأهالي وسكان تلك المواقع في تأخرها عن موعد وصولها بثلاثة أيام. واستغرق
تنزيل هياكل الطائرات الثلاث من على ظهر الناقلات العملاقةثلاثة أيام بمعدل يوم واحد لكل طائرة منها.

قصة تقاعد الطائرات العملاقة:
خرجت الطائرات الثلاث من أسطول الخطوط السعودية قبل خمس سنوات فأكثر، وعلى سيارات مخصصة لنقل الطائرات اتجهت من جدة إلى المدينة ثم القصيم وأخيرًا الرياض وسط حراسة أمنية مشددة.

كانت تلك الطائرات تحلق في السماء بسرعة تربو على 905 كيلومترات/ ساعة اعتادتها في رحلاتها الجوية طوال ثمانية عشر عامًا.
دخلت الطائرة الأولى الخدمة خلال شهر مارس 1998، وتم إخراجها من الخدمة في سبتمبر 2016 وهي أول طائرة B777-200ER أخرجتها الخطوط السعودية من الخدمة، أما الطائرة الثانية فقد دخلت الخدمة في سبتمبر 1998، وتم إخراجها من الخدمة في سبتمبر 2016، وهي ثاني طائرة تم إخراجها من الخدمة، والطائرة الثالثة دخلت الخدمة في مارس 1999 وخرجت من الخدمة يونيو 2017.

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار حدث نقل الطائرات العملاقة من جدة إلى موسم الرياض، وتفاعل الشارع المحلي ولا سيما الجمهور الذي عبرت الطائرات في مناطقه من كل الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية، فقد تسابق الأطفال لمشاهدة الطائرات، والتقط الجمهور الصور التذكارية بصحبة الطائرات للتوثيق والذكرى، وتواجد بعض كبار السن لمشاهدة الطائرات المدنية، والتقط الشباب صورًا احترافية للمشاركة في المسابقة التي أعلن عنها رئيس هيئة الترفيه لأجمل محتوى عن الطائرة، ولم يخل الأمر من مواقف طريفة على هامش الحدث.
من ناحية أخرى تحول الحدث إلى فعالية جذبت اهتمام أبناء المجتمع في مناطق خط سير الطائرات الثلاث متمظهرة في الاحتفال، ففي مراكز أم الدوم وظلم نظّم الأهالي استقبالًا للفريق المشرف على عملية النقل في مناطق توقّف ناقلات الطائرات عند المساء، وأقام الأهالي مأدبة إفطار للفريق صباحًا قبل مواصلة الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى